AMI

قوة الحوار السياسي..

بقلم: المختار السالم
elmoctar@gmail.com
اللقاء التاريخي الذي جمع رئيس الجمهورية مع زعيم المعارضة يوم الاثنين الماضي حظي باهتمام غير مسبوق من طرف القوى السياسية والرأي العام الموريتاني.. وقد لفت انتباهي شخصيا الاهتمام الخاص الذي أولاه الأطر الموريتانيون في الخارج لهذا اللقاء، حيث وجدت نفسي أمام سيل من المكالمات القادمة من الخارج يطالبني أصحابها بإطلاعهم على ما تمخض عنه اللقاء، ولم يكن إلحاح الزملاء في وسائل الإعلام الخارجية بأقل من ذلك.
الآن وقد أصبحت بعض الخطوط العريضة لهذا اللقاء معروفة “نسبيا” ما الذي يمكن أن نستخلصه في هذا الميدان.
الخلاصة العامة أن ما من شيء قادر على كنس كل “الحواجز” و”الحساسيات”، وجرفها بعيدا عن مجرى التيار الوطني، كما يفعل الحوار.
فالحوار المباشر بين قادة النخبة السياسية في البلد يمكن أن يفعل المعجزات، وهو قادر على تذليل الصعاب أمام التطوير المستمر لتجربتنا الديمقراطية والتفرغ لمواجهة الهم الوطني الكبـير.
الحوار، بكلمة واحدة، يمكن أن يضمن مصالح جميع الأطراف ويحقق أهدافها، دون أن تتخلى – إذا شاءت – عن موقعها في الساحة معارضة أو موالية.
إن موريتانيا اليوم، بعد خمسة عقود، من الإهمال والنسيان، و”الشفقة” في أحسن الأحوال، والاحتقار أحيانا، بدأت تخطو خطواتها الأولى على درب “الدولة ذات الدور الإقليمي”، وهو دور كان “الكثيرون” لا يسمحون لـ”موريتانيا الصغيرة الفقيرة” بالقيام به، لأن ذلك ينقص من “حصتهم” في المنطقة ويقلل من عائدات أدوارهم داخليا وخارجيا.
ولهذا الدور واجبات، على كل الأطراف داخليا القيام بها، وهي توحيد الجبهة الداخلية فيما يتعلق بـ”الخطوط الحمراء” وخاصة في مجال الدفاع والأمن وهيبة البلد ومصالحه العليا.
وهذا قطعا يتطلب استمرار الحوار وتعميمه ليشمل كل الأطراف في الساحة الحزبية في البلد، ولكي لا يبقى بعد ذلك عذر لأي كان يستخدمه كحجة في أنه محروم من التشاور والحصول على المعلومات وغير ذلك من الأبواب التي يسهل على “الشيطان” النفاذ منها.
غير صحيح ما يدعيه البعض من أن هناك أطرافا في الساحة ميؤوس منها، ولا جدوى من الحوار معها، والدليل على ذلك هو “الخطاب الجديد” الذي لمسه الرأي العام بعد اللقاءات الأخيرة بين رئيس الجمهورية وثلاثة من قادة المعارضة.
ومن غير المقبول التشكيك في قدرة الموريتانيين على التوصل إلى وفاق وطني جامع يصون للمعارضة والأغلبية حقوقهما ويسهل القيام بأدوارهما.
فمثل تلك الآراء “المثبطة” استهزاء بالعقل السياسي الموريتاني والاعتدال الذي تميز به الموريتانيون في ثقافتهم الاجتماعية، واستهزاء بحنكة الفرد الموريتاني الذي أقام حضارة في هذه الصحراء الجرداء معتمدا على ذكائه.
إن الحوار السياسي في انطلاقته الجديدة من القصر الرئاسي، وعلى أعلى المستويات، أمر بالغ الأهمية خاصة وأننا في وجه انتخابات نيابية وبلدية، هي ثاني أهم انتخابات في البلاد بعد الرئاسية، ومن المهم أن تعبـّـر تلك الانتخابات عن تنوع وثراء الطيف السياسي الوطني في مجالسنا الانتخابية، لأن ذلك شرط لا غنى عنه للتجربة الديمقراطية في بلادنا وصورتها التي تعلمون أنها كانت الأكثر جذبا للأضواء في شبه المنطقة.
من بين كل الدول العربية والإفريقية، وحدهم اليوم قادة المعارضة الموريتانية يدخلون القصر الرئاسي ويحاورون الرئيس في شتى القضايا… هذه الصورة الجميلة يجب أن تترجم إلى “جدارية” وطنية لقرارات أهم توازي حيوية وواقعية وانفتاح النخبة السياسية الموريتانية، بغض النظر عن فلسفة أو حجم أي لون في تلك “الجدارية”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد