AMI

نص الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية اليوم السبت في اشبيلية

ألقى السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية خطابا في حفل الغداء الذي أقامه على شرفه رئيس حكومة إقليم الأندلس الاسباني ظهر اليوم السبت .
وهذا نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
السيد مانويل تشافيس، رئيس حكومة إقليم الأندلس،
السادة أعضاء حكومة الإقليم،
السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أشكر لكم حفاوتكم وكرمكم، وأن أعبر عن سعادتي الغامرة بوجودي معكم اليوم في أشبيلية، مدينة الشعر والموسيقى، هذه المدينة العريقة التي احتضنت قبل قرون رجالا من بلادي، جاءوا من صحراء الملثمين وبلاد المغرب، يبنون جسورا خالدة للتواصل بين ضفتي المتوسط.
إنني أتنسم في هذه المدينة عبق تاريخ مشترك، نتقاسم اليوم كل ما هو جميل فيه، من تراث بديع ومعارف موسوعية ضافية، وذكريات جميلة، وأحلام متجددة بالعيش معا في عالم يسوده السلم والرخاء والتفاهم والولع بالمعرفة وبكل ما هو جميل في الحياة.
إن زيارة الأندلس تحيي في نفوسنا تلك الذكريات وتنعش في قلوبنا تلك الأحلام والتطلعات، لأنها تسمح لنا بتجديد العناق الحضاري بين شعوبنا، وبالوقوف على المعالم الباقية لحقبة من العطاء الحضاري المشترك، أعطت البشرية فوانيس استضاءت بها لتتحرر من ظلمات القرون الوسطي.
فعلى هذه الأرض عاش ابن رشد الحفيد، شارح الفلسفة الأرسطية وابن عربي الحاتمي الذي دعا في شعره وإشرافات حكمته إلى التآلف بين البشر، وفيها تعانقت إبداعات ابن طفيل، وابن زيدون، والروائي الأندلسي العبقري “سرفانتس” الذي احتفل العالم قبل ثلاث سنوات بالذكرى المئوية الرابعة لصدور روايته المشهورة دون كيشوت.
وعلى هذه الأرض أعطى عباس بن فرناس للإنسانية إشارة الحلم بالطيران، وأبدع أبو القاسم الزهراوي وابن البيطار وابن زهر الاشبيلي في الطب والجراحة، وأسس زرياب مدرسته الرائدة للموسيقى، لتعانق أوتاره بعد قرون أنغام الفلامنكو، وليدة اشبيلية.
السيد الرئيس،
شهدت موريتانيا خلال الفترة الأخيرة تحولات ديمقراطية كبيرة بعد مسلسل انتخابي اتسم بالشفافية و النزاهة بشهادة المراقبين في الداخل و الخارج. ومن بين الهيئات الدولية التي زكت مسلسلنا الانتخابي الإتحاد الأوروبي الذي نحيي فيه الدور البارز لأسبانيا.
و منذ تولينا زمام الأمور، عملنا علي ترسيخ الديمقراطية و توطيد المؤسسات الدستورية التي تمارس مهامها كاملة بكل حرية و استقلال. و تمشيا مع هذا الواقع المشجع، بادرنا إلي تسوية ملفات جوهرية في إعادة بناء و حدتنا الوطنية تجسدت في تنظيم عودة كريمة لمواطنينا اللاجئين في السنغال و مالي،كما أصدرنا قانونا يجرم الممارسات الإسترقاقية.
ووعيا منا بالترابط الوثيق بين ترسيخ الديمقراطية ومقتضيات التنمية، نسعى جاهدين إلي التحسين من الظروف المعيشية للسكان رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة عالميا والمتميزة بالتصاعد المذهل لأسعار المواد الأساسية و التضخم.
و تتمني موريتانيا من حكومة إقليم الأندلس تكثيف التعاون سواء علي المستوي الحكومي أو علي مستوي القطاع الخاص عبر تشجيع الاستثمار بين الطرفين، مما سيكون له الأثر الكبير في دفع النمو الاقتصادي و تخفيف الفقر في موريتانيا.

سيادة الرئيس
لا يسعني أن أختم كلمتي دون أن أحيي العمل الجليل الذي تقومون به على رأس حكومة الأندلس منذ نحو عقدين من الزمن، وأنتم تساهمون بجدارة في صياغة وجه الأندلس المعاصرة، هذه الأندلس التي عرفت كيف تمزج بين ماضيها وحاضرها لتؤلف سيمفونية رائعة، تقدم من خلالها رسالة إلى العالم كله، هي رسالة حمامة السلام في لوحة الفنان الأسباني الكبير بيكاسو، رسالة يدرك الناس في بلدي – وهم يترنمون بالشعر – قيمتها ويتطلعون إلى أن يحملوها معكم، تعاونا مثمرا بين البلدين، ومساهمة فاعلة في بناء حضارة السلم والحوار والتفاعل الإيجابي بين الشعوب في فضائنا المشترك وفي العالم كله.
بذلك أحييكم وأحيي أصدقاءنا في الأندلس وأسبانيا كلها، وأتمنى لكم مزيدا من التوفيق والنجاح”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد